
اليوم، أصبحت الصورة مختلفة إلا أن ذلك لا يعني أنها أصبحت أفضل. فمثلما تطورت الأمور في القرن الوحد والعشرين في تقريبا كل شئ وأصبح لدينا الآن الاستعمار الجديد والامبريالية الحديثة والرأسمالية المتأخرة وما بعد الحداثة وفوق البنفسجية وتحت الحمراء وبجانب محل بقالة أبو محمد وغيرها، تطورت أيضا صورة العربي في السينما الأمريكية. لذلك قررت أن أطلق اسما جديدا على هذه الحالة وأسميه العرب الشريرون جدا جدا – ريلي ريل باد آرابس تمشيا مع التسميات المابعدية .
فتحت الموضوع لأنني بالأمس شاهدت فيلما من هذه النوعية المابعد حداثية (في السينما طبعا، في الفكر الاستشراقي لازالت كما كانت قديمة قدم الحملات الصليبية). الفلم هو فانتج بوينت. يجب أن اعترف في البداية إن الفلم من الناحية الفنية جيد، إخراج رائع وقصة محبوكة (باستثناء الزمط الأمريكي في نهاية الفلم طبعا) وتمثيل درجة أولى وتصوير مغري والفلم بصورة عامة يجعلك تتابعه باهتمام من اللقطة الأولى وحتى الأخيرة.
فكرة الفلم هي أن هناك مؤتمر مهم لمحاربة الارهاب يُغتال فيه الرئيس الأمريكي. وهناك ثمانية اشخاص ليس بينهم علاقات قد شهدوا الاغتيال ويظل الفيلم يعيد نفسه ليري وجهة النظر الأخرى حتى ينتهي بوجهة نظر القاتل. لا داعي للذكر طبعا بأنه عربي مسلم! المهم، يبدأ الفلم بوجهة نظر رئيسة الفريق التلفزيوني الذي يغطي اللقاء الكائن في اسبانيا. الرئيسة تصر على تصوير كل شئ بسبع كامرات متحركة ولا تسمح للمراسلة أن تتحدث عن المظاهرات المعادية لأمريكا التي تقع خارج موقع اللقاء. يُسمع صوت المعلق الذي يقول أن هذا أهم لقاء قمة لإنهاء الحرب على الإرهاب ويلتقي فيه رؤساء العالم والعرب! إسمع الكلام اللي زي الزفت، تعبير "رؤساء العالم والعرب" يغرس في النفوس بصورة غير مباشرة أمران، أولا: العرب هم سبب الإرهاب فقط ولا يوجد ارهابيين غيرهم ولا حتى من بقية الدول المسلمة لذا تم التركيز على اسمهم هكذا، وثانيا: العرب غير العالم وليسو جزء منه لذا لزم أن يجمع بينهم؛ فمثلا لم يقولوا "رؤساء الغرب والعرب" أو "رؤساء العالم بما فيهم العرب". طيب، هاي بلعناها، وبعدين،
لن احدثكم عن تفاصيل الفلم حتى لا أخربه على من لم يشاهده بعد لأنه يستحق المشاهدة إذا ما كنت شخصا يصعب التأثير عليه، أما إذا كنت مراهقا أو شخص "كلمة توديه وكلمة تجيبه" فمن الأفضل أن تلتزم بمشاهدة توم وجيري، لذا سأتحدث عن بعض النواحي التي غاظتني ولكن لمن حز به الفضول يمكنه أن يقرأ عن الفلم هنا
الشئ الجديد هنا هي صورة العرب، فأول شئ ملفت أنهم ليس لهم لا لحى ولا شوارب، ويلبسون "بدي" فوقه قميص وهم "معضّلين" واذكياء ويجيدون استخدام كل التقنية الموجودة وغير الموجودة ومنظمين ومركزين على الهدف وعارفين شديسوون (يا ريت يا حسرة! لو كنّا هيك كان صار هذا حالنا؟) بصراحة حتى إني غرت من المغربي ذي الاسم الاسباني (ليش هية خلصت الاسماء العربية والبربرية؟ يلا، هاي هم نبلعها) لأن عنده سوبر موبايل يسوي كل شئ: ثري جي وفيديو كونفرنس وجي آي اس وريموت كنترول ولاب توب وما ناقص غير انه يقلي بيضتين ويودي الأولاد للمدرسة.
والعرب كانوا واصلين إلى درجة أنهم عرفوا كل الخطط التي خطط لها الامريكان قبل ان يخططوها (مرة ثانية، يا ريت يا حسرة) وبالرغم من هذه القدرات السوبرية (وهذا موديل جديد طبعا، إذا كان الشرير "سوبر شرير" والاميركان غلبوه فهذا يعنى انهم سوبر سوبر) لابد أن يقترفوا خطئين أو ثلاثة بمنتهى الغباء بحيث أن إبنة أخي ذات الست أعوام لا يمكن أن تقترفها مثل أن ينسوا تقييد الامريكي بعد اختطافه وثم يديرون وجوههم عنه حتى يعطوه فرصة كافية كي يمسك بحديدة ويضربهم بها – ابلع، ابلع، يعني احنا شطالع بيدنا حتى نقول لا.
ثم أن الهدف من هذه العملية كلها أسوأ من هذا، هدفهم منع السلام وكفى، لا يريدون خروج الأمريكان من الأراضي العربية، لا يريدون تحرير فلسطين، لا يريدون الديمقراطية أو الكرامة أو لقمة الخبز ولا حتى يريدون رمي اليهود في البحر... فقط يريدون الحرب! والرئيس الأمريكي طبعا شريف ويرفض أن يقصف معسكر الإرهابيين في المغرب، كأن الحكومات العربية لا تقوم بهذا العمل وأكثر من نفسها بدون الحاجة حتى إلى تعليمات من واشنطن.
أسوأ ما في الفلم طبعا أنه جيد وناجح، فلو كان فيلما من الدرجة العاشرة لما شاهده أحد وكان أصبح مجرد تكملة عدد في مجموع الأفلام المسيئة إلى العرب. يبدو إن المؤلف أراد أن يقول لنا "أنظروا، نحن لم نعد نصوركم كأغبياء متخلفين"، نحن نعرض الحقيقة. أنا أقول له: لا عمي، خلينا متخلفين وأغبياء أحسن. هذا الفلم حقا يطلق النار على العرب، يعني احنا ناقصين، أشو الرايح والجاي يطخ علينا لما صرنا منخل، والمصيبة إننا الآن زومبي، عايشين ميتين. يلا، نبلعها ونسكت لأن إذا ما بلعناها شو راح نسوي يعني؟
هل لديكم رأي، ماذا يمكن أن نعمل إذا لم نرد أن نبلع المهانة والذل؟ هذا طبعا غير المظاهرات وحرق الأعلام الأمريكية والإسرائيلية والسيارات التي يملكها إخواننا المواطنين والتي يحتاجونها للقمة العيش لأن هذا كله سويناه وما جابلنا غير البلا